مراجعة وتحميل كتاب العاشق تأليف غسان كنفاني بصيغة pdf 

وصف الكتاب :

يضم هذا الكتاب ثلاث روايات غير مكتملة لغسان كنفاني، الكاتب الذي لطالما استطاع أن يعبر عن الألم والنضال الفلسطيني من خلال كتاباته. كأن كنفاني، الذي استشهد إثر تفجير سيارته على يد الموساد الإسرائيلي، أراد أن يترك لجسده، الممزق بالقنابل، مهمة كتابة النهاية. ومع ذلك، في عالم غسان كنفاني، لا وجود للنهايات أبدًا، بل هي سلسلة من البدايات المتجددة، حيث يفتح كل نهاية أفقاً جديداً للبحث والنضال.

الروايات الثلاث التي يتضمنها الكتاب لم تنشر إلا بعد استشهاد كنفاني، وكان لها وقع المفاجأة عندما نشرت لأول مرة في مجلة "شؤون فلسطينية". الرواية الأولى بعنوان "العاشق"، تجسد بورتريهات للنسيج النضالي الفلسطيني، مركزة على شخصيات مناضلين يكافحون من أجل حريتهم وكرامتهم. في هذه الرواية، يبدع كنفاني في تصوير التحديات اليومية والأحلام والأمال التي يحملها هؤلاء المناضلون، مقدماً صورة حية وواقعية للصراع الفلسطيني.

أما الرواية الثانية، والمعنونة "الأعمى والأطرش"، فتستعيد رموز كنفاني المعتادة، ولكن هذه المرة يضعها داخل بنية لغوية وشعرية مدهشة. تدور الأحداث حول حوار بين الأعمى والأطرش، حيث يبحثان معاً عن الولي. يمتلئ هذا البحث بالإيحاءات والاستعارات التي تعكس عمق التجربة الإنسانية الفلسطينية. عندما يلتقيان أمام الضريح ويكتشفان "أنه فطر، مجرد فطر"، يصيح الأعمى "فطر"، ليجيب الأطرش بمرارة "يسمونه أيضًا فقعا". هذه الرواية، حتى وهي غير مكتملة، تقدم شهادة أدبية نادرة لمدى عبقرية كنفاني في التقاط تفاصيل الحياة اليومية وتحويلها إلى معاني أعمق.

الرواية الثالثة بعنوان "برقوق نيسان"، تعيد إلى الأذهان أجواء رواية "عائد إلى حيفا". في هذه الرواية، يقوم كنفاني بقلب الأدوار والمعادلات، حيث نجد أن أبو القاسم الذي ينكر جثة ابنه الشهيد يمثل الجانب الآخر لشخصية سعيد س. تقدم الرواية من خلال هذا القلب في الأدوار نظرة جديدة ومعقدة للصراع الفلسطيني، حيث تتداخل فيه مشاعر الفقد والإنكار والتضحية.

هذه الروايات الثلاث، برغم عدم اكتمالها، تقدم صورة رمزية كبيرة للعالم الأدبي والفكري لكنفاني. تعكس الروايات مدى التصاق الكاتب بأبطاله، بحيث يصبح هو نفسه البطل الرئيسي في روايات لم يكتبها، وصورة الرواية التي تختار مصيرًا مشابهًا لمصائر أبطالها. هذه المجموعة من الروايات غير المكتملة تقدم شهادة حية على إبداع كنفاني الذي ظل مستمراً في البحث عن الحقيقة والجمال حتى اللحظة الأخيرة من حياته.

نبذة عن الكاتب غسان كنفاني :

غسان كنفاني، أحد أبرز الأدباء الفلسطينيين في القرن العشرين، ترك بصمة لا تمحى في الأدب العربي من خلال أعماله التي تناولت مواضيع التحرر الفلسطيني والنضال ضد الاحتلال. وُلِد كنفاني في عكا عام 1936، وكان شاهداً على النكبة التي أثرت بعمق في حياته وأعماله.

السيرة الذاتية:

في عام 1948، أُجبر كنفاني وعائلته على النزوح من فلسطين إثر النكبة، فانتقلوا إلى سوريا حيث عاشوا كلاجئين. تميز كنفاني منذ صغره بموهبته الأدبية، وأكمل دراسته الثانوية في دمشق، حيث حصل على شهادة البكالوريا السورية عام 1952. بعدها تسجل في كلية الأدب العربي في جامعة دمشق، لكنه اضطر لقطع دراسته في نهاية السنة الثانية لأسباب اقتصادية وسياسية.

النشاط السياسي:

كان كنفاني ناشطًا سياسيًا منذ شبابه، وانضم إلى حركة القوميين العرب التي ضمه إليها جورج حبش عام 1953. لاحقًا، أصبح عضوًا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي إحدى الفصائل الرئيسية في منظمة التحرير الفلسطينية. من خلال نشاطه السياسي، لعب كنفاني دورًا كبيرًا في التوعية بقضية الشعب الفلسطيني وتعزيز مقاومته ضد الاحتلال.

الاغتيال:

في 8 يوليو 1972، عندما كان عمره 36 عامًا، تم اغتياله على يد جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) بتفجير سيارته في منطقة الحازمية قرب بيروت. كان هذا الاغتيال جزءًا من حملة موسعة استهدفت قادة المقاومة الفلسطينية، ولكن رحيله المبكر لم يطفئ نجم كنفاني الأدبي والسياسي، بل زاد من تأثيره وإرثه.

الأعمال الأدبية:

ترك غسان كنفاني وراءه إرثًا أدبيًا غنيًا يعبر عن معاناة الفلسطينيين ونضالهم من أجل الحرية. كتب العديد من الروايات والقصص القصيرة التي تناولت مواضيع التحرر الفلسطيني والنكبة والنزوح. من أبرز أعماله الأدبية "رجال في الشمس" و"عائد إلى حيفا" و"أم سعد". هذه الأعمال لم تكن مجرد سرد لقصص شخصية، بل كانت تجسيدًا لمعاناة شعب بأكمله وصرخة احتجاج ضد الظلم والاحتلال.

العمل الصحفي:

إلى جانب عمله الأدبي، كان كنفاني صحفيًا بارعًا، عمل في عدة صحف ومجلات عربية، حيث استخدم قلمه للتعبير عن قضايا الأمة العربية بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص. كان له دور كبير في التوعية والتعبئة من خلال مقالاته وتحليلاته السياسية.

الإرث الثقافي:

غسان كنفاني لم يكن مجرد كاتب أو ناشط سياسي، بل كان رمزًا للمقاومة والأمل بالنسبة للكثيرين. ترك إرثًا ثقافيًا غنيًا يلهم الأجيال المتعاقبة من الكتاب والسياسيين والنشطاء. أعماله الأدبية ترجمت إلى عدة لغات ودرست في الجامعات والمعاهد، مما يعكس التأثير الكبير الذي أحدثه في الأدب العالمي.

يبقى غسان كنفاني واحدًا من أهم الأصوات الأدبية والسياسية التي دافعت عن حقوق الشعب الفلسطيني وناضلت من أجل قضيته. على الرغم من رحيله المبكر، إلا أن تأثيره وإرثه الأدبي والسياسي لا يزال حيًا ومستمرًا في إلهام الأجيال الجديدة للنضال من أجل الحرية والعدالة.

مراجعة كتاب "العاشق" تأليف غسان كنفاني

يعد كتاب "العاشق" من الأعمال الأدبية المتميزة للكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، وهو جزء من مجموعة تتضمن ثلاث روايات غير مكتملة، نُشرت بعد استشهاده، وكانت تحمل في طياتها قوة مفاجئة وإبداعاً استثنائياً.

ملخص الرواية:

تتمحور رواية "العاشق" حول النسيج النضالي الفلسطيني من خلال سرد قصص مناضلين يكافحون من أجل حريتهم وكرامتهم. يقدم كنفاني بورتريهات حية لهؤلاء الأفراد، ويرسم من خلالهم صورة مؤثرة للمقاومة والصمود. الشخصيات في "العاشق" ليست مجرد أسماء على ورق، بل هي أرواح تنبض بالحياة، تحمل هموم الوطن وأماله، وتكافح ضد الظلم بكل شجاعة وإصرار.

الرمزية والأدب في "العاشق":

يتميز أسلوب كنفاني في "العاشق" بقدرته الفائقة على استخدام الرمزية والاستعارة لإيصال رسائله العميقة. النص مليء بالإيحاءات الأدبية التي تعكس تجارب الفلسطينيين اليومية ومعاناتهم المستمرة. الشخصيات ترمز إلى مختلف جوانب النضال الفلسطيني، والحوارات بين هذه الشخصيات تكشف عن صراعات داخلية وخارجية تعكس الواقع المعقد الذي يعيشه الفلسطينيون.

الأسلوب اللغوي والشعري:

يبرز في "العاشق" الأسلوب اللغوي الغني والشاعري لكنفاني. يتميز النص بجماله الأدبي ودقته في استخدام الكلمات، حيث ينجح الكاتب في نقل مشاعر وأحاسيس شخصياته بوضوح وقوة. النصوص الحوارية تتميز بالعفوية والعمق، مما يجعل القارئ يتفاعل معها بشكل مباشر ويشعر بأنه جزء من الأحداث.

الإبداع في بناء الشخصيات:

من أبرز ما يميز "العاشق" هو البناء الفريد للشخصيات. كنفاني لم يكتف برسم صور سطحية لأبطاله، بل غاص في أعماقهم وكشف عن دوافعهم وتطلعاتهم وخيباتهم. الشخصيات في "العاشق" تعبر عن تجارب إنسانية حقيقية، مما يجعلها قريبة جداً من القارئ. كل شخصية تحمل في داخلها قصة مؤثرة تعكس جزءاً من تاريخ ومعاناة الشعب الفلسطيني.

التأثير الأدبي والثقافي:

رغم أن "العاشق" رواية غير مكتملة، إلا أنها تحمل تأثيراً أدبياً وثقافياً كبيراً. تمكنت الرواية من إيصال صوت الفلسطينيين ومعاناتهم إلى العالم، وساهمت في تعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية. كما أن النصوص غير المكتملة تحمل في طياتها إبداعاً لا مثيل له، وتفتح آفاقاً جديدة للتفكير والنقاش حول النضال والحرية والعدالة.

الإرث الأدبي لكنفاني:

يمثل كتاب "العاشق" جزءاً مهماً من الإرث الأدبي لغسان كنفاني. هذا الكاتب الذي قدم حياته من أجل قضيته، ترك وراءه مجموعة من الأعمال التي تخلد ذكراه وتبرز موهبته الفذة. "العاشق" ليس مجرد رواية، بل هو شهادة على الإبداع الأدبي لكنفاني، وعلى عمق تأثيره في الأدب العربي والعالمي.

في الختام، يمكن القول إن "العاشق" لغسان كنفاني هو عمل أدبي استثنائي يعكس قوة الإبداع وعمق المشاعر. برغم كونه غير مكتمل، إلا أنه يقدم للقارئ تجربة قراءة مميزة، تجمع بين الجمال الأدبي والعمق الفكري، وتفتح آفاقاً جديدة لفهم النضال الفلسطيني من خلال عدسة فنية وأدبية راقية.

إقتباسات من كتاب العاشق تأليف غسان كنفاني pdf  :

 "إن الحقائق الصغيرة لم تكن في البدء إلّا الأحلام الكبيرة" - من رواية الأعمى والأطرش 

 إن الحياة ليست سوى الإنتظار. 

 ليس بوسع أحد أن يملأ مكان أحد. 

 عندما جاء نيسان أخذت الأرض تتضرج بزهر البرقوق الأحمر وكأنها بدن رجل شاسع ، مثقب بالرصاص كان الحزن و الفرح المختبئ فيه مثلما تكون الولادة ويكون الألم 

 إن الأقدار تتساقط على رؤوسنا كالمطر من حيث لا ندري و لا نتوقع 

 "الآن نحن بلا درع، ولكننا نخوض في شوك الزمن وفي ناره وفي أمديته، بصدور مشرعة عارية تطعم لحمها لذلك الارتطام المخيف مع المجهول." 

 ” لعله قد غرق في النسيان، ولعله حين قطع أواصره بالعالم... وغرق في وحدته المضجرة، إنما عود نفسه على أن يحتقر العالم ” 

 ” أحس بأنني تغيرت بصورة لا أستطيع أن أتجاهلها لحظة واحدة. ما الذي حدث؟ شيء ما انكسر في أعماقي بلا ريب، وقد حدث ذلك بسرعة، وكأنما على الرغم مني. ربما صارت الأمور أمامي أكثر قسوة، ولكنها بلا شك أكثر وضوحاً وصفاء. وكان ذلك يبتعث فيّ راحة غريبة ومفاجئة ” 

 ” ‫وجاء الصمت، الذي صار علي أن أعتاده منذ هذه اللحظة، وفجأة يصير همي وعبئي ودائرتي الفولاذية الإحكام ” 

 ” إن المدن مثل الرجال، تشعر بالحزن وتشعر بالوحدة. تفرح وتنام، وتعبر عن نفسها بصورة فريدة تكاد لا تصدّق، وتتعاطف بغموض مع الغرباء أو تركلهم.. بل إن الأحياء في المدينة مثل الأولاد في العائلة، لكل منهم شخصيته ومنزلته ومزاجه، فثمة شوارع محببة، وأخرى تتقاذف العابرين فيها بفظاظة، وشوارع خبيثة، وأخرى صريحة ” 

 ” ولكنه لم يعد يكترث، مثلما كان من قبل، بما يدور حوله ” 

 ” ذلك شيء مثل أن أتعرّف في وجه الإنسان على البكاء، ذلك لا يحتاج إلى سمع، لا هو ولا تلك الكلمات المعولة... أتعرّف أنا على تلك الكلمات التي ليست لغة، والتي ترتسم على الوجه مثل الحزن، أو النعاس، أو الخيبة. وعاد الصمت، صوت الانتظار هذا الذي أحسه الآن أكثر من أي وقت مضى ” 

 ” كانت تضعني أمي على كتفها وتمضي ماشية كأنها تغوص في بحر لا قرار له ” 

معلومات الكتاب :

تأليف : غسان كنفاني

الصفحات : 140    اللغة : العربية    الحجم : 1.71 ميجابايت