مراجعة كتاب سيكولوجية الجماهير من تأليف غوستاف لوبون 

وصف الكتاب :

سيكولوجية الجماهير يعتقد المؤلفان أن الجماهير غير عقلانية وترفض الأفكار أو تتقبلها ككل دون نقاش. وما يقوله القادة يدخل إلى عقولهم بسرعة ويميلون إلى العمل به. وما يقترحه القادة عليهم يرتقي بهم إلى مستوى مثالي ويرتفع معهم إلى مستوى التضحية العفوية بالذات. إنهم لا يعرفون سوى العنف العاطفي الشديد، وسرعان ما يتحول التعاطف إلى عبادة، وسرعان ما يصل بهم الأمر إلى كراهية شيء ما.

في حالة الجماهير، تنخفض القدرة على التفكير، ويمتزج الغريب بالمتجانس وتسيطر الصفات اللاشعورية.

حتى لو كانت الجماهير علمانية، فإنها ستتفاعل بشكل ديني، وستعبد القائد، وتخاف من سلطته وتخضع لإرادته خضوعًا أعمى. أما أولئك الذين لا يشاركون الجماهير إعجابها بكلام القائد، فهم العدو. لأنه لا توجد جماهير بدون قائد ولا قائد بدون جماهير. كتب لوبون قبل 100 عام

من هو غوستاف لوبون؟

كان غوستاف لوبون طبيباً فرنسياً وُلد عام 1841 في نوجنت لو رور بفرنسا، ودرس علم الآثار والطب النفسي والثقافة الشعبية والأنثروبولوجيا، وألف كتباً ومقالات علمية أصبحت جميعها أعمالاً مرجعية مهمة.

توفي غوستاف لوبون في 13 ديسمبر 1931.

عندما كنت في بداية مراهقتي، كان من أكثر الأشياء التي كانت تسحرني في مشاهدة الأفلام هي الطريقة التي يقفز بها النجم على أحد أفراد الجمهور ويحرك هذا الشخص في كفه أو كفها، كما لو كان يركب أمواج المحيط. كيف وافقوا على وضع شخصية ذلك الشخص على كفهم؟ كيف انتشرت العدوى بين هؤلاء الأشخاص؟

كلما رأيت مجموعة من الناس قد تبنوا فكرة ما، أتعجب كيف اتفقوا جميعًا على فكرة واحدة، كيف اجتمعوا جميعًا على عقل شخص واحد، لدرجة أن بعضهم قد يموت من أجل الفكرة التي تبنوها في تلك المجموعة، وبعضهم قد يدفع بنفسه إلى النار وحده من أجل المجموعة وبعد تساؤلات كثيرة قرأت كتاب سيكولوجية الجماهير، فأجابني غوستاف لوبون بين صفحاته.

يشرح المؤلف أولاً أن كل مجموعة عرقية لديها مجموعة من الأفكار والمعتقدات التي تنتقل من جيل إلى جيل، وأن المجموعات التي تولد من نفس المجموعة العرقية تتأثر بهذه الأفكار.

الفصل 1.

يبدأ غوستاف لوبون هذا الكتاب بتعريف "الجماعة" في علم النفس. فالجماعة ليست مجرد مجموعة من الناس يجتمعون في مكان واحد، بل هي مجموعة من الأفراد الذين نزعوا ذواتهم الشعرية الفردية وتمايزوا إلى حد الوصول إلى فكرة أو هدف شعري واحد. فالأفراد في المجموعة أشبه بخلايا في جسد، تهدف إلى هدف واحد رغم اختلافها. فالأفراد يصبحون منومين داخل الجماعة، وبمجرد أن يقضوا وقتاً طويلاً تحت جناحيها، بغض النظر عن ثقافتهم أو مستواهم المعرفي، يصبحون جزءاً من الجماعة "كحبة رمل تحركها الرياح. "

الفصل 2:

يتحدث عن عواطف الجماعة وكيف أنها تطغى على المنطق الفردي وتصورات الواقع. وهكذا، فالقصة التي ترويها الجماعة ويؤكدها العديد من الأفراد ليست سوى خيال، لكن تكرار الجماعة يثبت أنهم شهدوا ذلك ورأوا الحدث بأعينهم.

الفصل 3.

يبحث غوستاف لوبون في الفكر الجماعي، وكيف تتشكل الأفكار وتتأثر، وكيف تترسخ الأفكار حتى لو كانت غير منطقية وخالية من أي مظهر من مظاهر العقل أو التعقل.

الفصل 4.

يرى غوستاف لوبون في هذا الفصل أنه لا بد أن يكون هناك تعصب ديني لدى جماعة ما. وهذا التعصب لا يعني اعتناق دين معين، بل تعصب عام لفكرة ما، بأي شكل من الأشكال يجعلها تتجاوز النقد البشري.

ثم يصف جوستاف لوبون العوامل التي تؤثر في وجدان جماعة ما من حيث الشعب والتقاليد التي نشأت منها الجماعة، والعصر الذي شهد ميلاد الجماعة، والمؤسسات السياسية والاجتماعية التي نشأت منها الجماعة.

هذه هي العوامل البعيدة التي تؤثر في الجماعة، أما العوامل القريبة فتتمثل في الصور والكلمات والنصوص، كما يقول جوستاف لوبون

"إذا جمعت عظام ضحايا الكلمات والنصوص، فإنك إذا جمعت عظام ضحايا الكلمات والنصوص، فإنك ستبني منها هرمًا أطول من هرم كوبيس القديم".

الوهم في كونك عم الجماعة هو مع غياب العقل الفردي في الجماعة.

وبالطبع فإن الجماعات من جميع الكائنات، سواء كانت بشرية أو حيوانية، تميل إلى اتخاذ قائد لها. لذلك اتخذ غوستاف لوبون القائد وتحدث عن القائد ونفوذه على الجماعة، سواء كان هذا النفوذ سلطة مادية كالسلطة والمال، أو سلطة معنوية كالنفوذ على العقل والروح.

ومن اللافت للنظر أنه استخدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم في وصف القائد المؤثر دون الملك، والذي اكتسب نفوذه حتى هذه اللحظة من خلال حب أتباعه له.

ثم يذكر بعد ذلك أفكار الجماعة ومعتقداتها التي لا تتأثر بتغير الأجيال، بين الثابت منها الذي يمثل معايير الجماعة وبين المؤقت الذي يتغير من جيل إلى جيل كالغبار الذي ينقشع أحياناً عن السطح.

ثم يختم غوستاف لوبون كتابه الممتاز بأنواع الجماعات، بين الجماعات ذات العناصر المختلفة والجماعات المتماسكة، ونشوء فئات أصغر تحت كل فئة، فمثلاً تحت كل فئة جماعات متماسكة طوائف دينية وعسكرية وطبقات إلخ.

كانت هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها كتابًا وأتفاعل معه إلى الحد الذي امتلأت فيه الهوامش بالتعليقات والجمل، وشعرت وكأن شخصًا لطيفًا يشرح لي ما هي الجماعة.

الصفحات : 228   الحجم : 6.32 ميجابايت رابط تنزيل الكتاب pdf من هنا